أصداء حكم "ماهر الجوهري" على دعوى "محمد حجازي" بقلم الاستاذ اشرف ادوارد المحامي

30أصداء حكم "ماهر الجوهري" على دعوى "محمد حجازي"

أصداء حكم "ماهر الجوهري" على دعوى "محمد حجازي"
الكاتب: خاص الكتيبة الطيبية - أشرف إدوارد المحامي

شكل الحكم الصادر بتاريخ 13/6/2009 في الدعوى المقامة من ماهر المعتصم بالله الجوهري، تراجعاً شديدًا وخطيرًا في الحياة الحقوقية داخل جمهورية مصر العربية، فهو يمثل ردة مقيتة -جديدة من نوعها على المجتمع المصري المعاصر- لمزيج بين الدولة المدنية والدولة الدينية. حيث ليست ثمة سبيل لإقرار الدولة المدنية!! وهو يعد نكوصاً في الحالة الحقوقية، وينحى بالمؤسسة القضائية إلى منعطفٍ غريبٍ وخطيرٍ، ينأى بها عن التقدم لتحقيق مفهوم "الدولة المدنية".
أولاً: تكمن إحدى مواطن الخطورة التي تمخضت بها حيثيات الحكم، فيما يخص الكنيسة المصرية. فقد أفرغها من أية سلطة لها في قبول المتنصرين، أو العائدين إلى المسيحيةـ حيث لم يعتد بأي نوع من أنواع الشهادات الصادرة من قبل الكنيسة!! فلم يكتف الحكم برفض الشهادة المقدمة من المدعي، وإنما تطرق إلى ما هو أكثر من ذلك وهو عدم الاعتداد بأية شهادة أو مستند صادر من الكنيسة حتى ولو كان ممهوراً بتوقيع قداسة البابا! (وذلك لمن يريد التغيير من أية ديانة إلى المسيحية) وذلك لكونها (الكنيسة)- بحسب رأي القضاء المصري- "غير مختصة" (ليست جهة اختصاص) بإصدار مثل تلك الشهادات، منتهياً إلى أن المشرع لم يحدد الجهة المختصة بإصدار وثيقة تغيير الديانة من الإسلام إلى المسيحية!! على الرغم من اعترافه بالأزهر الشريف كجهة اختصاص لإصدار وثيقة تغيير الديانة من المسيحية إلى الإسلام !!
ثانياً: وهذا يطرح ثمة تساؤل، ما هي الجهة التي يمكن أن تتحقق من صحة وممارسة الطقوس الدينية للشخص المتنصر (الذي يتحول من الإسلام إلى المسيحية)؟ أياً كانت هذه الجهة فلا يمكن -بحالٍ ما- إلا أن تكون الكنيسة وذلك لكونها الجهة الوحيدة التي تملك وتستطيع ممارسة الطقوس الدينية الخاصة بذلك وإحضاره عضواً داخل الكنيسة - مثله في ذلك مثل أي مسيحي المولد- وإلا فلا يعتد به عضواً في شركة الكنيسة طالما لم يقم بهذه المراسيم الدينية.
ثالثاً: إن كان المشرع قد أفرغ الكنيسة من أية سلطة لتحرير شهادات قبول أو انضمام للمتنصرين أو العائدين للمسيحية، فثمة فراغ تشريعي ما! وعليه.. فلكي نطالب المشرع المصري من سن قانون يحدد "جهة اختصاص" ما، لإصدار الوثائق الخاصة بالمتحول من الإسلام إلى المسيحية، يتعين على تلك الجهة أن يكون لديها الإلمام التام بالمراسيم والطقوس الدينية الخاصة بقبول المتنصر عضواً بكنيسة ما. وإلا سيضحى قانوناً عاجزًا كسيحًا لا يعالج المشكلة، فالدخول إلى المسيحية يمر بعدة مراحل طقسية تتبع، (فلا يُكتف بمجرد النطق بالشهادتين كما هو الحال عند الدخول في دين الإسلام).
ومن ثم، فلن نتنازل عن دور الكنيسة المصرية الرائدة تلك الكنيسة الشامخة الراسخة حامية الإيمان ذات الألفي عام، ولن نقبل بإنقاص دورها هذا، ولن نسمح بمن يأت ليسلبها تلك السلطة بين ليلة وضحاها. فهي الجهة الوحيدة المختصة (المنوط بها التحقق من صدق "قابل الإيمان" وتحرير شهادة له تفيد بذلك)، ولن يكون لغيرها هذا الاختصاص.
إلى متى سنظل نضع العراقيل نحو حرية العقيدة بمصر ويا ليتها عراقيل منتجة وإنما هي عراقيل لمجرد عرقلة التقدم ولو خطوة واحدة نحو حرية العقيدة، فالقضاء المصري الشامخ لا يجب إلا أن يكون الحصن الأمين للمواطن المصري أياً كانت عقيدته وآياً كان لونه.
أخيراً أناشد كل الحقوقيين والقانونيين -المؤمنين بحرية العقيدة- التكاتف معاً في الدعوى المقامة من محمد حجازي والتي تحمل رقم 41935/63 ق والتي أقيمت بتاريخ 30/5/2009 أمام قضاء مجلس الدولة.

منقول http://www.katibatibia.com/posts_details.php?id=824&cat=26&